خبر
وسط أجواء احتفالية حماسية رائعة مليئة بالتميز والابداع، وبهجة غمرت الحضوروبرعاية من شركة دانا لخدمات كبار السن، ومن رجل الأعمال الفلسطيني المغترب محمد أبو عيسى، احتفلت دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة في مدينة بيت لحم، بتسليم جوائز مسابقة اسماعيل شمّوط للفن التشكيلي لعام 2019، وذلك على مسرح دار الكلمة الجامعية.
وانطلق الاحتفال هذا العام على انغام مقطوعات موسيقية مميزة قدمها طلبة برنامج الأداء الموسيقي في دار الكلمة الجامعية، وقد رحبت عريفة الحفل انجي سابا بالحضور جميعاً، مقدمة شرحاً عن أهمية وأهداف جائزة الفنان اسماعيل شموط للفن التشكيلي.
والقى القس الدكتور متري الراهب مؤسس ورئيس دار الكلمة الجامعية كلمة أكد خلالها: " عشرات اللوحات، مئات الألوان، والكم الكبير من المواهب الفنية تتسابق اليوم للفوز بهذه الجائزة، ففي غضون سنين خمس راحت هذه الجائزة تتصدّر الجوائز الفنية للمواهب الفلسطينية الفتية، هنا نحن نبحث عن الموهبة، عن الفن، عن الرؤيا، عن الفكرة، عن الأصالة، عن المعنى، لذلك رحنا نختار موضوعاً رئيساً لكل مسابقة، ولقد جاءت هذه المسابقة تحت عنوان الى أين؟؟
وتابع الراهب: "رغم كل النكبات والنكسات لم يتخل شعبنا يوماً عن أمله، أمله بالعودة، أمله بالدولة، أمله بالحرية، أمله بالعيش بكرامة، هذه النماذج بين الألم والأمل هو ما عبّر عنه المتسابقون اليوم، هذا التخبط بين اللامعنى والمعنى، المنزلة بين المنزلتين نراه واضحاً في اللوحات المعروضة اليوم. إلى أين؟ هذا السؤال لن يجيب عنه الآخرون؟ ولن تأتي الإجابات على شكل خطابات رنانة، ولكنها ستأتي بواسطة ريشة حبلى بالأشكال والألوان لترسم ملامح الغد الموعود، ولتخط طريقاً لا يسير عليه إلا القادرون، لن نستسلم للإحباط والمحبطين، بل سنبقى نرسم ملامح الحياة الأفضل. لقد آمنت دار الكلمة الجامعية ومنذ تأسيسها قبل عقد ونيف ان مستقبل فلسطين إنما يكمن في اكتشاف وصقل مواهب ابنائها، وفي الاستثمار في تطوير الطبقة المبدعة من بناتها، وفي تنمية الجيل الجديد من القيادات الواعدة، وفي خلق مساحات للإبداع والتحليق حيث لا حدود للحرية إلا الأفق الواسع".
واختتم الراهب كلمته بشكر جميع من ساهم في انجاح هذه المسابقة، قائلاً: "اسمحوا لي ان أتقدم بالشكر الى الداعم الرئيسي لهذا الحفل، شركة دانا والممثلة اليوم بشخص الدكتور يزيد شموط نجل المرحوم إسماعيل والشكر موصول لرجل الأعمال السيد محمد أبوعيسى الذي لم يبخل يوماً علينا... الشكر للجان التحكيم والتي لم تبخل علينا وقتاً وفكراً وتحليلاً، وان أنسى فلن أنسى فريق دار الكلمة الجامعية الرائع، بالإضافة الى طلبة قسم الموسيقى والافلام".
وقد استهل الاحتفال ابن الفنان الدكتور يزيد شموط رئيس الجالية الفلسطينية في مدينة هانوفر الألمانية بكلمة ذكر خلالها: "بكل فخر اقف اليوم هنا متابعاً مشاركا بقصة نجاح مميزة تنضم الى قصص نجاح كلية دار الكلمة الجامعية، وبكل اعتزاز اتابع معكم تطور نوعي بالأعمال الفنية المشاركة والتي تعكس قدرات شعبنا الفلسطيني على التطور والتحدي بشتى الاشكال المقاومة حتى باللوحة، اللون القلم والقصة".
وأضاف: "إلى أين هو عنوان مسابقة هذا العام. "إلى أين" اسم لوحة اسماعيل شموط المميزة والتي حفرت في ذاكرة كل فلسطيني. "الى أين" جسدت وتجسد المأساة الفلسطينية بكل أشكالها حتى يومنا هذا. لوحة بكلمتين عبرت عن فقدان البيت، الارض والوطن وبداية الضياع، عن مأساة شعب تستمر يومياً منذ أكثر من 70 عاماً، ولكنها بداية امل وتغير أيضاً لشعب لا ولن يفقد الامل لانه صاحب احق قضية عرضها تاريخ الانسانية الحديث، فنحن شعب لن يفقدوا الامل... نحن شعب نعرف مسارنا...نحن شعب يخلق المعجزات...نحن شعب نعرف "الى أين" قصة وجود ونجح".
وقدمت الدكتورة رحاب نزال رئيسة برنامج الفنون الجميلة في دار الكلمة الجامعية والمشرفة على المسابقة نبذة عن المسابقة وموضوعها ومرحلة اختيار الأعمال والمعرض الذي اقيم لهذه الأعمال ومن ثم استعرضت اعمال الخمسة عشر فناناً وفنانة الذين وصلوا الى المرحلة النهائية وتحدثت أيضاً عن المعايير التي اتخذت من قبل لجنة التحكيم لاختيار الأعمال الفائزة، وقالت: "اليوم نحتفل بالمرشحين لجائزة الفنان إسماعيل شموط للفن التشكيلي ونتوج الفائزين بهذه الدورة، كما تعلمون هذه الجائزة تأسست عام ٢٠١٤ تكريما وتخليدا للفنان الراحل إسماعيل شموط ولدوره الفني الريادي الملتزم بقضايا شعبنا. الفلسطيني وأيضا من اجل دعم واحتضان ابداعات الفنانين الفلسطينيين الشباب، ولقد نظمت هذه الدورة الخامسة للمسابقة تحت شعار "الى اين؟ هذا الشعار او الموضوع مستوحى من احدى لوحات الفنان شموط التي تتحمل عنوان "الى اين؟”، والتي انتجها عام ١٩٥٣، مباشرة بعد النكبة التي أدت الى اقتلاع وتشريد ثلثي الشعب الفلسطيني من ارضهم ووطنهم. الى اين؟ هو سؤال واسع ويمكن ان يأخذ اتجاهات مختلفة؛ سواء الاتجاه الشخصي او العام، السياسي او الاجتماعي، الفني الجمالي او المفاهيمي الفكري. طرح هذا السؤال على الشباب الفنانين في الوطن والمهجر وأيضا على شباب الجولان السوري المحتل.
وتابعت: "لقد أعلن عن المسابقة في نهاية شهر أكتوبر الماضي من العام الماضي وفي نهاية شهر كانون ثاني من هذا العام اغلق باب الاشتراك وجرى حصر المشاركات بستين مشاركة تأهل منها ل ٥٦. هذه المشاركات تقريبا بمجلها عبرت ان امال وطموحات الشباب الفلسطيني وبحثت في آفاق الخروج من نفق المتاهة وفقدان البوصلة الذي نعانيه على الصعيد الوطني. فبرز نقد لاذع لما اسماه كما أطلق أحد المشتركين على الحال "فقدان المرجعية الثورية". لقد تكرر السؤال الذي طرحة شموط بعد النكبة عنوانا لأعمال الفنانين الشباب. وكأننا نعيش مرحلة نكبة اخرى، وأضافوا للسؤال سؤالا اخر: الى متى؟ ".
وقد قامت الدكتورة رحاب نزال بإعلان اسماء الفائزين الأربعة فنال كل من أحمد محمد كامل ياسين ومعتز روني حجير المرتبة الأولى، ونال محمود محمد حامد المرتبة الثانية، كما ونالت ريم عبد العزيز داوود النتشة المرتبة الثالثة، ومن ثم قام القس الدكتور متري الراهب وبرفقة كل من الدكتور يزيد شموط والدكتورة رحاب نزال ووسط تصفيق الحضور وبهجتهم بتتويج الفائزين الأربعة بالجوائز، وبتسليم الشهادات والدروع للمتأهلين للمرحلة النهائية، وهم: أحمد محمد ياسين ، بلقيس عثمان، علاء عطون ، علاء البابا، حماد العلي، محمود حامد ، محمد جحلش ، معتز حجير ، راني شرباتي، رشا أبو طير، ريم النتشة ، عصام احمد، وفاء ابراهيم ، وائل أبو يابس، علا زرعيني.
وتخلل الاحتفال عرض قصة مصورة عن حياة الفنان الراحل من الاعمال الاستثنائية المشاركة في المسابقة، وفقرات موسيقية مميزة قدمها طلبة برنامج الأداء الموسيقى في دار الكلمة الجامعية.
وفي ختام الاحتفال تم افتتاح معرض "الى أين" للأعمال الخمسة عشر المتأهلة للمرحلة النهائية والتي تعبر عن قضايا وهموم تشغل الفلسطيني في المرحلة الزمنية الحالية بما في ذلك المخاطر المحدقة بالإنسان والأرض نتيجة ممارسات القوى الاستعمارية الاستيطانية والنظام السياسي الذي يحكم حياتنا. يلحظ حضور معاناة اللاجئين في عدد من الأعمال المرشحة للجائزة سواء اللاجئين المكدسين في مخيمات الوطن التي تفتقر بشكل متزايد إلى المساحة بينما تستمر المصادرة الاستعمارية اليومية للأراضي الفلسطينية، او اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا بالتحديد، الى جانب قضايا أخرى.
وتعتبر دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة أول مؤسسة تعليم عالٍ فلسطينية، تركز تخصصاتها على الفنون الأدائية والمرئية والتراث الفلسطيني والتصميم، كما وتمنح الكلية درجة البكالوريوس في التصميم الداخلي، والسياحة الثقافية والمستدامة، والفنون الأدائية في الموسيقى والمسرح، والتصميم الجرافيكي، والفنون المعاصرة، وإنتاج الأفلام، كما تمنح درجة الدبلوم في تخصصات الإنتاج الفيلمي الوثائقي، والدراما والأداء المسرحي، والفنون التشكيلية المعاصرة، والزجاج والخزف، وفن الصياغة، والتربية الفنية، والأداء الموسيقي، والأدلاء السياحيين الفلسطينيين، وفنون الطبخ وخدمة الطعام وبرنامج ضيافة الطعام المتقدمة، وتعمل الكلية على تطوير مهارات ومواهب طلابها لتخرجهم سفراء لوطنهم وثقافتهم وحضارتهم.